24-news : وكالات
كل الذين التقوا الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، خلال الأشهر الأخيرة، تحديداً منذ تاريخ عقد المؤتمر العاشر لحركة النهضة الإسلامية، الذي حضر جلسته الافتتاحية، والذي كان مؤتمرا استعراضيا بشهادة الملاحظين في الداخل والخارج، يؤكدون أن السبسي عبر منذ ذلك الحين عن قلق وصل حد الانزعاج، من حصول خلل بالتوازن في المشهد السياسي، ونعني هنا عودة هيمنة “النهضة” على الخارطة الحزبية، مقابل تفكك حزب “نداء تونس”، من خلال انقسام قيادته التاريخية، وكذلك كتلته البرلمانية وبالتالي تحول “النهضة” إلى الكتلة الأغلبية في البرلمان، في نظام سياسي هو أقرب إلى البرلماني، مثلما نص على ذلك دستور يناير 2015.
البحث عن التوازن السياسي المفقود
تعددت مساعي ومبادرات السبسي، الساعية لتجاوز أزمات حزب “نداء تونس”، بما يسمح بإعادة التوازن للحياة السياسية والحزبية، الذي نجح فيه أثناء قيادته لهذا الحزب، ليجعل منه تنظيماً واسعاً، ومتعدد الروافد الفكرية والأيديولوجية، استطاع إقصاء الإسلاميين من السلطة، عبر انتخابات حرة وديمقراطية، لكن خروجه منه، بعد انتخابه في مركز رئاسة تونس، كان له وقع سلبي على هذا الحزب، الذي فاز بالانتخابات البرلمانية، لكنه عجز عن الحكم، كما عجز عن المحافظة على وحدته التنظيمية والقيادية، وتعددت أزماته ليصبح عمليا في حكم الغائب، برغم أنه في منظور المتابعين يعد الحزب الحاكم.
ولولا السلطة الرمزية للرئيس السبسي، لما بقيت كتلة النداء البرلمانية موحدة على موقف واحد رغم انقسامها التنظيمي، وهو ما سمح للرئيس بالمبادرة بصفة منفردة بتعيين يوسف الشاهد رئيسا لحكومة “الوحدة الوطنية”، التي خلفت حكومة الحبيب الصيد، التي يعتبرها الرئيس، ومثلما جاء في مبادرته السياسية، بتاريخ 2 يونيو قد عجزت عن تحقيق منجز اقتصادي وتنموي، ما سيكون له ارتدادات سلبية في المستوي الاجتماعي، وهو ما برز في الواقع من خلال تصاعد الحراك الاحتجاجي، في أكثر من مدينة ومحافظة، فضلا عن تعطل الانتاج في قطاعات هامة مثل السياحة والطاقة والفوسفات. وضع قال الرئيس السبسي إنه لا يمكن أن يستمر، وإن الحل يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية، وكان له ما أراد.
محاولات لبعث الروح في “نداء تونس”
مع ذلك، بقي السبسي منشغلا بغياب التوازن الحزبي، عبر اعادة بعث الروح من جديد في “نداء تونس”، مستفيداً هذه المرة من الاجماع الحاصل حول رئيس حكومة الوحدة الوطنية، يوسف الشاهد، الذي تكمن قوته الرئيسية في الدعم الرئاسي له، ليكون الشاهد العصفور النادر لقصر قرطاج، للجمع بين رئاسة الحكومة ورئاسة الحزب الحاكم (نداء تونس)، ويصبح بالتالي رئيسا للأغلبية البرلمانية.