24- وكالات
لو شاهد “زرياب” مقاطع “الدعاة” الجدد، وهم يحطمون آلات العود، لما فكر في إضافة وتر خامس له، ولو سمع صيحات التكبير، وغلظتهم في الضرب به أرضاً لظن أن معلمه “أبو إسحق الموصلي” الذي أبعده عن البلاط، قد وشى لهم بأن تلك الآلة الجوفاء هي سبب سقوط الأندلس، ولعل الراصد للمخيمات والملتقيات الدعوية التي يقوم على معظمها دعاة جدد يوقن بأن تراجيديا المأساة السمة الدعوية القديمة لم تعد تؤتي أكلها وانتهى عصرها مع الجيل الجديد، ولأن البحث عن “الإثارة” والتأثير للوصول إلى لحظة التطهير هي السواد الأعظم في تلك الملتقيات فقد استبدل أولئك تلك الحبكة بصب جام غضبهم في أكثر من (20) مقطع فيديو على الآلات الموسيقية كان الضحايا فيها قبل “العود” و”الكمنجة” و”الأورج” مئات من الشبان الذين أثنوا الركب عند “كاسري الأعواد”.
المطرود الأكثر شهرة
يوسف المطرود أشهر داعية كسر أعواداً وآلات وترية مثل “السمسمية”، ويملك في سيرته الذاتية سجلاً حافلاً بتكسير عشرات الأعواد أينما حل وارتحل، كان أول ضحاياه من الأعواد في خيمة لتوعية الجاليات بـ(بلقرن) عام (2009) ثم في مهرجان (المجاردة) التوعوي الصحي في مايو (2010) وكان تكسير العود “لقطة الختام” بالنسبة لأمسيته التي امتدت إلى ساعات الفجر، وقام بذلك منتشياً وسط صيحات التكبير التي طلبها من الحضور، المطرود امتدت شهرته في هوايته الدعوية لتصل خليجياً، حيث انتشر له مقطع يعود إلى عام (2012) في قطر يقوم بنفس الفعلة.
وأكثرها إثارة تكسيره للعود في ملتقى (ساعة وساعة) بمحافظة “البجادية” عام (2012)، وبعد انتهائه ردد أغنية :”مع السلامة” للفنان فتى رحيمة.
أبو زقم.. انتهينا
المفحط السابق والداعية الحالي الشهير أبو زقم له عدد من المقاطع التي يطلب فيها من الحضور تسليمه عبوات السجائر والولاعات، حتى يشعر بأن محاضرته كان لها مفعول قوي على نفوس الحاضرين، “يوتيوب” يوثق تكسير أبو زقم لأول عود في ملتقى قافلة الخير في المنطقة الشرقية عام (2008) بمحاضرة حمل عنوانها “انتهينا .. انتهينا”!
فقرة دعوية
ومن خلال الرصد والتحليل لتلك المقاطع نجد أنها صارت فقرة دعوية ثابتة في كثير من المهرجانات والملتقيات، ولم يعهدها المجتمع من قبل، وبعض أبطالها يحب تكرارها في أكثر من مكان، ومن أشهرهم أحمد بشير ونايف الصحفي وعبدالرحمن اللحياني، وجرت العادة أن يكون هناك سيناريو يسبق سحق “المعازف”، بحيث يلهب الداعية المغمور نار الشعور بالخطيئة والذنب في نفوس الحاضرين، الذين أغلبهم لم يشب عن الطوق، وهذا المشهد ما قبل الأخير فيه تهيئة نفسية لكسر الفن والجمال في نفوسهم قبل الآلة التي تعبر عن ذلك، ثم يقوم بمسك “المايك” بيد ورفع العود للأعلى، وإطلاق عبارات حماسية، في أداء مسرحي مبتذل يجذب لصاحبه الأضواء ويعطيه أمام أتباعه الصغار رمزية بالقوة والقدرة على دحر الباطل، دون خوف أو وجل، وبعد أن تشخص الأبصار صوبه يهوي بالآلة على الأرض وفي أحيان يقفز عليها بقدميه، اللافت أن نفس المشهد بذات الطريقة والعبارات يتكرر في أكثر من مكان رغم تغير أبطاله، إضافة إلى تركيز هؤلاء الدعاة على تقديم فقراتهم في المحافظات بالدرجة الأولى وفي الأنشطة الجاذبة للشباب.