24-news : وكالات
أجمعت النخب التونسية، على اختلاف مشاربها الفكرية والأيديولوجية، على رفض فتوى لمفتي تونس، الشيخ عثمان بطيخ، دعا فيها إلى تحريم الاحتجاجات وتعطيل العمل.
كما أعادت الفتوة وبقوة الجدل حول العلاقة بين الدين والدولة، وتوظيف الدين في السياسة، وموقع الدين في الفضاء العام.
جدل تراجع خلال الأشهر الأخيرة، بعد إعلان حركة “النهضة”، في مؤتمرها الأخير (مايو 2016) عن اختيارها التخصص في العمل السياسي، واعتبار الدين مشتركا بين كافة التونسيين، ولابد من النأي به عن كل توظيف.
قلل القيادي في حزب “تونس الإرادة” الحبيب بوعجيلة من “قيمة” الفتوى، قائلا في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ما يلي: “لا فائدة ولا تأثير من فتوى بطيخ (…) نحن حاليا مجتمع غير ديني، لا يهتم بالمفتي إلا لمعرفة توقيت الأعياد ومقدار زكاة الفطرة”.
الباحث في الحضارة الإسلامية، مهدي عبد الجواد، قال “لا حاجة في الدولة المدنية إلى الفقهاء والفتاوى في تسيير الشأن العام”.
كما استغرب القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهر، ما أقدم عليه سماحة المفتي، مشيرا إلى الاحتجاجات “مسألة اجتماعية تعالج بالحوار والقانون وليس بالتعليمات والرؤيا”، مضيفا “لم نسمعه يحرم الفساد ولا التهريب ولا التهرب الضريبي ولا أكل أجور العمال وحقوقهم”.
في ذات السياق، أصدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بيانا عبر من خلاله عن “استنكاره من هذا التدخل لمؤسسة الإفتاء في مجال يتجاوز اختصاصاتها يتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والنضالات المرتبطة بالدفاع عن المواطنة الكاملة للجميع بغاية تبرير سياسة رسمية تهدف إلى تجريم الحركات الاجتماعية”.
وتابع البيان أن المنتدى “ينبه إلى خطورة هذا البيان الذي يوظف السلطة الدينية لمفتي الجمهورية التونسية في مجال الحكم على التحركات الاجتماعية وعلى نشطاء المنظمات والجمعيات والحملات المدافعة عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمناضلة من أجل العدالة والمتصدية لعودة الفساد كما يهدد بدفع التونسيين إلى الاحتقان”.
كما دعا “رئاسة الجمهورية إلى تحمل مسؤولياتها في حماية الدستور الضامن لمدنية الدولة وللحريات المدنية والسياسية وإلى مساءلة مفتي الجمهورية التونسية عن دوافع ومقاصد هذا البيان، خاصة أن رئيس الجمهورية بموجب الفصل 78 من الدستور هو من يعين المفتي ويعفيه”.
وجدد المنتدى “التزامه بالدفاع عن كل التحركات الاجتماعية السلمية المطالبة بالحق في الشغل والتنمية والتوزيع العادل للثروة، ويدعو الحكومة إلى اتباع منهج الحوار الجدي مع المحتجين والمعتصمين والمطالبين بحقوقهم لإيجاد الحلول العادلة والمنصفة”.
وكان مفتي الجمهورية التونسية أصدر يوم 26 سبتمبر بيانا تطرق فيه إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس ودعا فيه “استنادا إلى الواجب المقدس لحماية الأوطان” إلى وقف التحركات الاجتماعية معمما وصفها بالاحتجاجات العشوائية المعطلة للعمل والإنتاج والمضرة بالملك العام، ومستندا إلى آية قرآنية كريمة بهدف اتهام المحتجين والمعتصمين بالفساد.